الخميس، 7 يناير 2016

باسم الله سبحانه و تعالى الولي الحق المتعال:

فاتحة:
غالبا ما نقرأ أو نسمع عن توحيد الخاصة وتوحيد العامة ، وعن أحوال الحلول وأوهام الإتحاد وعن وحدة الوجود ، لحد تكفير العلماء رضي الله عنهم لكل القائلين بها ..
 لهاته الإشكالية المعقدة في الفكر الصوفي السني وفي كل التربية الروحية كانت هاته الرسالة .
 والتي سنحاول تبسيطها عبر أربع فقرات :
1) توحيد العامة
2) توحيد الخاصة
3) لا للتصوفات الدخيلة
4) أحوال لا عقائد ومقامات.

أولا : توحيد العامة:

لا إله إلا الله تعني : 
أن لا معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى ، وبالتالي :
نوحده : ووحده : إلها .
كما نوحده وحده ربا سبحانه.
فنوحد ألوهيته وربوبيته تعالى كما نوحد ذاته سبحانه ، وكما نوحد كل صفاته .
فهكذا يجب أن يعلم عامة المسلمين معنى لا إله إلا الله ،  مع العمل بمقتضياتها..:
والتي من فرائضها : أن نعبده ونعظمه ونخافه ونرجوه ونحبه..
ومن زاغ عن هذا الفهم ، وبأية دعوى فهو إما كافر أو مشرك أو ضال..
أو في أحوال لا مقامات صوفية.

ثانيا : توحيد الخاصة :

فالفرض الأول في التوحيد العام هو شهادة لا إله إلا الله ، وقولها بصدق ، وبنية العمل الخالص ...
ليبدأ بعدها توحيد الخاصة من قوله تعالى :( فاعلم أنه لا إله إلا الله) محمد 19:
إذن من العلم بها لا بالشهادة بها فقط..
ولهذا كان علم التوحيد ، وكل الإعجازات المثبتة له ،:
حتى علم اليقين.
وكان أيضا مصطلح توحيد الخاصة عند الصوفية لحد عين اليقين وحق اليقين ، والذي يعنون به توحيد أولياء التصوف قدس الله أسرارهم.
فتوحيد الولي أعمق من توحيد العالم والعابد.
1) فمن هو الولي قرآنا؟ :
لصفات الولي قرآنا نكتفي بقوله تعالى :(ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) يونس 64،63،62 :
فمن صفات الولي إذن:
- الأمان من خوف الله تعالى .
- السعادة بالله تعالى .
- الإيمان والتقوى.
- البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
وهكذا كان المبشرون العشر من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. وكل أوليائه الصالحين قدس الله أسرارهم.
2) ومن هو الولي سنة ؟:
ونكتفي هنا بقوله تعالى في الحديث القدسي:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : 
إن الله قال ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ) رواه البخاري .

ولهذا كانت من صفات الأولياء قدس الله أسرارهم :

- حفظ الله تعالى لهم ودوده عنهم.

- تقربهم لله تعالى بالفرائض  ثم بالنوافل .

- حب الله تعالى لهم ومحبتهم له.

- سمعهم وبصرهم وبطشهم ومشيهم بالله تعالى.

- إستجابة الله تعالى لسؤالهم .  

- إجارة الله لهم.

فتأمل هنا الولي حين يحس فجأة بأنه يرى ويسمع ويتحرك بالله، وبأن كل أدعيته مستجابة :

إنه حال الفناء في الله الذي تحدث عنه أولياء التصوف قدس الله أسرارهم ، وليس فناء في ذاته كما  يتوهم الشكليون بل فناء في محبته ، وفي معاني أسمائه وصفاته ..

ومن هنا كانت كل أوهام الحلول والإتحاد ووحدة الوجود التي للأسف ضعف أمامها بعض الأولياء قدس الله أسرارهم حتى كانت لهم شطحات حركية وقولية ، بل وأخذها على ظاهر أقوالها من ليس منهم ، فظنهم متألهين أو مشركين بالله أو مألهين للكون كما لا زال يتوهم  كل من وقف على ظاهر بعض أقوالهم وأحوالهم وأشعارهم . 

ولهذا كان من توحيد الخاصة :

علم التوحيد لحد علم اليقين في شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم... كما معظم العلماء العاملين.

ثم  أذواق العارفين بالله التي لا تشرح بل تذاق : ( فمن ذاق عرف)..

و( العارف من رأى وذاق لا من علم  فقط).

ولحد توحيد التجليات عن  بصيرة وعن علم وعين وحق يقين.

وكلها مصطلحات قرآنية .

ثالثا: لا للتصوفات الدخيلة :

وها هنا وفي توحيد الخاصة هذا توهم البعض بأن كل الصوفية متألهين بحلول الذات الإلهية فيهم  وفي كل الوجود :

سبحانه وتعالى حتى عن عرشه وعن ملائكته ، بل وحتى عن محمدنا وكل أنبيائه وأوليائه عليهم السلام .. 

فرمى العديد من فقهاء الشريعة المتصوفة بالزندقة .

كما زندقهم كل من لم يفرق بين التصوف الإسلامي وتصوف الديانات الأخرى ..

وكل من لم يفرق بين التصوف السني والتصوف البدعي. 
فظن الكثيرون بأن الصوفية يألهون الكون ومشركون بالله ، وبأن الله تعالى حال في الكون روحيا ..
فكانت كل توهمات وحدة الوجود التي إنزلقت فيها التصوفات  الكافرة ، والتي وللأسف لا يفرق بينها وبين التصوف الإسلامي السني العديد من متصوفينا.
فيجب أن تكون  هناك قطيعة تامة بين التصوف الإسلامي الذي تبقى أذواقه إشارات روحية  ومعنوية لا مادية .. وباقي التصوفات الغيرإسلامية..  

فالماديون والشكليون والمجسمة أسقطوا التصوف في كل مستنقعات التصوفات الدخيلة والفلسفات المادية الضالة.. 

ودون تفريق بينها وبين التصوف السني الحق  كفقه للإحسان ، وكتجاريب روحية لأولياء الله قدس الله أسرارهم...

رابعا : أحوال لا عقائد ومقامات:

ولهذا ضل كل من ظن من المتصوفة وغيرهم :

بأن الروح الإنسانية من الذات الإلهية تأويلا لقوله تعالى : 

(.. ونفخت فيه من روحي .. ) ص 72

فالله تعالى قد قال :

(... قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) الإسراء 85 

لتبقى الروح الإنسانية من عالم الأمر لا من ذاته سبحانه وتعالى ..

 وما الفناء إلا فناء محبة روحية وبشرى بالولاية يحس الولي عندها بأنه يرى ويبصر ويتحرك بالله ، فيفنى في هذا الحال حتى البقاء بالله سبحانه : ليسأنف التوبة والتوحيد.

 كالحلاج مثلا الذي يفهم فقهاء التصوف بأنه كان يشرح أحوالا ومعاني لا مقامات وأواني مادية.. 

فاللغة الصوفية الخالصة لغة إشارية ، وآفاق إيمانية ، ولا تحمل عباراتها كل إشاراتها.

وتجلي إسم الله تعالى وصفاته في كل الوجود تجلي معنوي لا مادي ..

 ولهذا وجب محوك لكل  الظاهر ولكل المادة لتفهم بأن صفات الله الفاعلة في الكون كلها متجلية في وجودنا معنويا : 

فآثار كل صفاته الفاعلة سبحانه بادية في الكون.

فالله تعالى خلقنا والكون كله من الكلمة الإلهية : (كن).. ومن وراء حجب.، لا من ذاته .. كما إختص بعض المصطفين بالخلق من يديه الكريمتين:

 وعالمنا الدنيوي هذا من أدنى الحجب التي تتجلى فيها بعض الصفات الشارحة لإسم الله تعالى ، كما يرمز أهل البقاء بالله .. 

فبيننا وبينه تعالى من الحجب ما لا يعلمه إلا هو سبحانه.....

فما  لنا إذن إلا تجلي معاني الصفات ، ومن وراء حجب، لا ذوات الأسماء أو ذوات الصفات : التي لها ذات واحدة هي ذاته الأحدية الواحدية القدوسة السبوحة،  سبحانه وتعالى عن كل توهمات الملحدين في أسمائه، وعن كل شركيات الماديين والمتمصوفين ..

فما الحلول ووحدة الوجود إلا أحوال معنوية لامقامات مادية :

 1

ليس التصوف سرد الذكر ، 
تعدده ،

 ولا ادعاءك الصفو 
مترائيا ، معلولا.

2

ولا بكاءك من ذنبك خائفا، 
ولا زهوك سكرانا  
إن غنى لوجدك المغنونا،

  3
وما هو منك بالصياح ، 
ولا بالرقص منك طاربا ، 
أومطروبا.

4

ليس التصوف
 يا مريد الله 
اختباطك 
كأن صرت بك -لا بالله- مجذوبا:

5
  
التصوف يا مريد الله 
أن تصفوبلا كدر،

وأن تتبع كل القرآن محبا، 
ولا محبوبا،

6

التصوف أن تُراك 
بالله له خاشعا ،
 فردا فانيا، 
به سعيدا، 
ومنك مكروبا،

7

التصوف أن تراك 
فيك به محتارا، 
حيث أنت لا أنت،

 وبلا نسب ، وله منسوبا،

8

التصوف:
أن تتوب لله عالما به ،
 وبه جهولا .. 

فعن فنائك إفن 
يا مريد الله صاحبا 
ولا مصحوبا..

9

وكفاك فيك فناء 
فلقد أشركت فانيا فيك ، 
ولا فيه أشركتك معبودا

10

لقد بدا منك -يا ولي الله- الكفر شركا، 
وما وحدت سواك محبوبا،
..................

ما وحدت إلاك يا من وليت حقا ، 

وما كملت 
يا من جذبت مجذوبا

11

فتب منك  تبشر 
يا ولي الله، 
فلقد جهلته به عارفا،

وعرفته معرفا فيك بك ، 
لا به ، 
بل  وعرفته به مجهولا..

 12

تب منك تسمع واعظه فيك منه ، 
وقدس سره.

 تصل لا واصلا ، 
وتصل موصولا

13

فما  التوحيد له منك فيك ،
 التوحيد توحد منك له ربا ،

ومنك مربوبا ولا مربوبا.

14

ففيك جاهد تكن مخلصا ، 
وفيك جاهد،

ولا تكن لا الشارب ، 
ولا المشروبا.

15

تب منك تتب منك عبدا 
يا مبشرا بالله ، 
وتب تتب منك معبودا:

16

فما التصوف إلا كل السنة ، 
وبالقرآن كله ، 

وبالله لا بك :
 فتب منك عابدا، 
وتب منك معبودا

17

تب منك، 
ومنك كلك، 
تتب منك حامدا محمودا.

18

تب منك وبه لا بك ،
وتب عنك فانيا، 
تتب باقيا ، 

فتب له عابدا ، 
تتب فيك لا معبودا

19

إذاك قل: (لا إله إلا الله الرحمان ربي) ،
 توحيد الكمال عبودا:

20

 فما الله إلا الرحمان ، 
وما إدعى المحبون الله 
إلا لوجد،

فلا تلم السكارى حبا ، 
وأخلص تكنهم، 

وإفن عبدا 
تر ولا تر المعبودا.

20

ودوما عبدا لا معبودا ..

21

 وحامدا -إن كملت-
 لا حميدا ولا محمودا، 
لا حميدا ولا محمودا.

     وعلى محمدنا كل الصلاة وكل السلام وكل التسليم وآله .