ولهذا ضل كل من ظن من المتصوفة وغيرهم :
بأن الروح الإنسانية من الذات الإلهية تأويلا لقوله تعالى :
(.. ونفخت فيه من روحي .. ) ص 72
فالله تعالى قد قال :
(... قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) الإسراء 85
لتبقى الروح الإنسانية من عالم الأمر لا من ذاته
سبحانه وتعالى ..
وما الفناء إلا فناء محبة روحية وبشرى بالولاية يحس الولي
عندها بأنه يرى ويبصر ويتحرك بالله ، فيفنى في هذا الحال حتى البقاء بالله
سبحانه : ليسأنف التوبة والتوحيد.
كالحلاج مثلا الذي يفهم فقهاء التصوف بأنه كان يشرح أحوالا ومعاني لا مقامات وأواني مادية..
فاللغة الصوفية الخالصة لغة إشارية ، وآفاق إيمانية ، ولا تحمل عباراتها كل إشاراتها.
وتجلي إسم الله تعالى وصفاته في كل الوجود تجلي معنوي لا مادي ..
ولهذا وجب محوك لكل الظاهر ولكل المادة لتفهم بأن صفات الله الفاعلة في الكون كلها متجلية في وجودنا معنويا :
فآثار كل صفاته الفاعلة سبحانه بادية في الكون.
فالله
تعالى خلقنا والكون كله من الكلمة الإلهية : (كن).. ومن وراء حجب.، لا من ذاته .. كما إختص بعض المصطفين بالخلق من يديه الكريمتين:
وعالمنا الدنيوي
هذا من أدنى الحجب التي تتجلى فيها بعض الصفات الشارحة لإسم الله تعالى ، كما يرمز أهل البقاء بالله ..
فبيننا وبينه تعالى من الحجب ما لا يعلمه إلا هو سبحانه.....
فما لنا إذن إلا تجلي معاني الصفات ، ومن وراء حجب، لا ذوات الأسماء أو ذوات
الصفات : التي لها ذات واحدة هي ذاته الأحدية الواحدية القدوسة السبوحة، سبحانه وتعالى عن كل توهمات الملحدين في أسمائه، وعن كل شركيات الماديين والمتمصوفين ..
فما الحلول ووحدة الوجود إلا أحوال معنوية لامقامات مادية :
1
ليس التصوف سرد الذكر ،
تعدده ،
ولا ادعاءك الصفو
مترائيا ، معلولا.
2
ولا بكاءك من ذنبك خائفا،
ولا زهوك سكرانا
إن غنى لوجدك المغنونا،
3
وما هو منك بالصياح ،
ولا بالرقص منك طاربا ،
أومطروبا.
4
ليس التصوف
يا مريد الله
اختباطك
كأن صرت بك -لا بالله- مجذوبا:
5
التصوف يا مريد الله
أن تصفوبلا كدر،
وأن تتبع كل القرآن محبا،
ولا محبوبا،
6
التصوف أن تُراك
بالله له خاشعا ،
فردا فانيا،
به سعيدا،
ومنك مكروبا،
7
التصوف أن تراك
فيك به محتارا،
حيث أنت لا أنت،
وبلا نسب ، وله منسوبا،
8
التصوف:
أن تتوب لله عالما به ،
وبه جهولا ..
فعن فنائك إفن
يا مريد الله صاحبا
ولا مصحوبا..
9
وكفاك فيك فناء
فلقد أشركت فانيا فيك ،
ولا فيه أشركتك معبودا
10
لقد بدا منك -يا ولي الله- الكفر شركا،
وما وحدت سواك محبوبا،
..................
ما وحدت إلاك يا من وليت حقا ،
وما كملت
يا من جذبت مجذوبا
11
فتب منك تبشر
يا ولي الله،
فلقد جهلته به عارفا،
وعرفته معرفا فيك بك ،
لا به ،
بل وعرفته به مجهولا..
12
تب منك تسمع واعظه فيك منه ،
وقدس سره.
تصل لا واصلا ،
وتصل موصولا.
13
فما التوحيد له منك فيك ،
التوحيد توحد منك له ربا ،
ومنك مربوبا ولا مربوبا.
14
ففيك جاهد تكن مخلصا ،
وفيك جاهد،
ولا تكن لا الشارب ،
ولا المشروبا.
15
تب منك تتب منك عبدا
يا مبشرا بالله ،
وتب تتب منك معبودا:
16
فما التصوف إلا كل السنة ،
وبالقرآن كله ،
وبالله لا بك :
فتب منك عابدا،
وتب منك معبودا
17
تب منك،
ومنك كلك،
تتب منك حامدا محمودا.
18
تب منك وبه لا بك ،
وتب عنك فانيا،
تتب باقيا ،
فتب له عابدا ،
تتب فيك لا معبودا.
19
إذاك قل: (لا إله إلا الله الرحمان ربي) ،
توحيد الكمال عبودا:
20
فما الله إلا الرحمان ،
وما إدعى المحبون الله
إلا لوجد،
فلا تلم السكارى حبا ،
وأخلص تكنهم،
وإفن عبدا
تر ولا تر المعبودا.
20
ودوما عبدا لا معبودا ..
21
وحامدا -إن كملت-
لا حميدا ولا محمودا،
لا حميدا ولا محمودا.
وعلى محمدنا كل الصلاة وكل السلام وكل التسليم وآله .